عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
shape
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
63245 مشاهدة print word pdf
line-top
عيسى عبد لله تعالى مخلوق

[س 32]: إن حال النصارى هو عبادة عيسى فتجدهم يقسمون به، ويستعيذون به، ويلجأون إليه ويدعون ويذبحون له -عليه السلام-؛ لأنهم يعتقدون أنه المخلص، وأنه صلب من أجل البشر؛ ليكفر عن خطيئة آدم- -عليه السلام- إلخ تلك الاعتقادات، فما الرد الشرعي على مثل هذه العقائد المخالفة للدليل؟
الجواب: لا شك أن عيسى عبد لله تعالى مخلوق ؛ حيث إن أمه حملت به كما تحمل النساء ثم وضعته، كما قال الله تعالى: فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ وهو الطلق الذي يحصل للنساء عادة عند الولادة، وأنه ولد صغيرا حتى جعلته أمه في المهد الذي هو معتاد للأطفال عند الولادة، ولا شك أنه ارتضع من الثدي، وأكل الطعام كسائر نوع البشر، كما قال تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ومعلوم أن من يحتاج إلى أكل الطعام فهو ناقص، لا يصلح أن يكون هو الإله، ولأنه يحتاج إلى التخلي في الدنيا، وذلك عيب ظاهر ينافي صفة الألوهية والربوبية، ثم إن اليهود يدعون أنهم قتلوه، وصلبوه، وتوافقهم النصارى على ذلك، وذلك دليل عجزه فيما اعتقدوه، فإن القادر الإله الحق ينتقم ممن عصاه، أو حاربه فكيف يدعون أنه ابن الله، ثم يصلب ويؤذى، وربه يراه- وهو ولده بزعمهم- ولا ينتصر لولده؟
ولا شك أن عمل النصارى في دعائهم له وذبحهم له، وحلفهم به ولجوئهم إليه دليل على سخافة عقولهم وقلة أفهامهم، وإلا فكيف يعظمون الصليب الذي صلب عليه إلههم ومعبودهم؟ فإن الأولى أن يحطموه ويحرقوه، ثم كيف يعظمون هذا الابن الذي عجز في زعمهم عن الانتقام لنفسه؛ فإنه أولى أن يعجز عن إجابة طلبهم وإنقاذهم من النار، وعن نصرهم على الأعداء؟ وكيف صلب ليكفر عن البشر خطيئة آدم؟ فإن آدم قد تاب كما قال تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ وكيف لم يبذل أحد من أولاد آدم نفسه ليكفر عن أبيه، وبقيت خطيئة آدم حتى جاء عيسى وبذل نفسه فداء لآدم؟ هذا كله دليل ضعف عقول هؤلاء المشركين.
فأما تكلم عيسى وهو في المهد فإنه آية ومعجزة له، وقد تكلم غيره كصاحب جريج وغيره وأما كون عيسى يخلق من الطين كهيئة الطير ويحيي الموتى، ويبرئ الأكمه، والأبرص، فإن هذه معجزات له تدل على نبوته وصدقه فيما يدعو إليه، كما أيد الله موسى باليد والعصى وفلق البحر ونحوها من المعجزات، والله أعلم .

line-bottom