الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. logo إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
shape
فتاوى وأحكام في نبي الله عيسى عليه السلام
62208 مشاهدة print word pdf
line-top
عيسى عبد لله تعالى مخلوق

[س 32]: إن حال النصارى هو عبادة عيسى فتجدهم يقسمون به، ويستعيذون به، ويلجأون إليه ويدعون ويذبحون له -عليه السلام-؛ لأنهم يعتقدون أنه المخلص، وأنه صلب من أجل البشر؛ ليكفر عن خطيئة آدم- -عليه السلام- إلخ تلك الاعتقادات، فما الرد الشرعي على مثل هذه العقائد المخالفة للدليل؟
الجواب: لا شك أن عيسى عبد لله تعالى مخلوق ؛ حيث إن أمه حملت به كما تحمل النساء ثم وضعته، كما قال الله تعالى: فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ وهو الطلق الذي يحصل للنساء عادة عند الولادة، وأنه ولد صغيرا حتى جعلته أمه في المهد الذي هو معتاد للأطفال عند الولادة، ولا شك أنه ارتضع من الثدي، وأكل الطعام كسائر نوع البشر، كما قال تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ومعلوم أن من يحتاج إلى أكل الطعام فهو ناقص، لا يصلح أن يكون هو الإله، ولأنه يحتاج إلى التخلي في الدنيا، وذلك عيب ظاهر ينافي صفة الألوهية والربوبية، ثم إن اليهود يدعون أنهم قتلوه، وصلبوه، وتوافقهم النصارى على ذلك، وذلك دليل عجزه فيما اعتقدوه، فإن القادر الإله الحق ينتقم ممن عصاه، أو حاربه فكيف يدعون أنه ابن الله، ثم يصلب ويؤذى، وربه يراه- وهو ولده بزعمهم- ولا ينتصر لولده؟
ولا شك أن عمل النصارى في دعائهم له وذبحهم له، وحلفهم به ولجوئهم إليه دليل على سخافة عقولهم وقلة أفهامهم، وإلا فكيف يعظمون الصليب الذي صلب عليه إلههم ومعبودهم؟ فإن الأولى أن يحطموه ويحرقوه، ثم كيف يعظمون هذا الابن الذي عجز في زعمهم عن الانتقام لنفسه؛ فإنه أولى أن يعجز عن إجابة طلبهم وإنقاذهم من النار، وعن نصرهم على الأعداء؟ وكيف صلب ليكفر عن البشر خطيئة آدم؟ فإن آدم قد تاب كما قال تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ وكيف لم يبذل أحد من أولاد آدم نفسه ليكفر عن أبيه، وبقيت خطيئة آدم حتى جاء عيسى وبذل نفسه فداء لآدم؟ هذا كله دليل ضعف عقول هؤلاء المشركين.
فأما تكلم عيسى وهو في المهد فإنه آية ومعجزة له، وقد تكلم غيره كصاحب جريج وغيره وأما كون عيسى يخلق من الطين كهيئة الطير ويحيي الموتى، ويبرئ الأكمه، والأبرص، فإن هذه معجزات له تدل على نبوته وصدقه فيما يدعو إليه، كما أيد الله موسى باليد والعصى وفلق البحر ونحوها من المعجزات، والله أعلم .

line-bottom